خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 4 من ربيع الأول 1444هـ - الموافق 30 / 9 / 2022م
الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]، وَاعْتَصِمُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ مَكَانَتُهُ الْمُنِيفَةُ، وَدَرَجَتُهُ الْعَالِيَةُ الشَّرِيفَةُ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ عَقَائِدِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَهَمِّ مُهِمَّاتِ الدِّينِ، وَقَدِ امْتَدَحَ اللهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِإِيمَانِهِمْ بِالْغَيْبِ، فَقَالَ: ]ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ( [البقرة:2-3]، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا آمَنَ أَحَدٌ قَطُّ إِيمَانًا أَفَضْلَ مِنْ إِيمَانٍ بِغَيْبٍ)؛ فَالْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ أَسَاسُ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَرُكْنٌ يَرْكَنُ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُ فِي حِفَاظِهِ عَلَى دِينِهِ، فَلَا يَتَحَقَّقُ إِيمَانٌ بِاللهِ، وَلَا تَصْدِيقٌ بِمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِالْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ.
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَصْدِيقِ الْعَبْدِ وَإقْرَارِهِ بِالْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ الَّتِي أَخْبَـرَ اللهُ بِهَا فِي كِتَابِهِ، أَوْ أَخْبَرَ بِهَا رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُنَّتِهِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْإِيمَانُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَمَا يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَهْوَالٍ وَأَحْوَالٍ؛ فَالْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ هُوَ الطَّرِيقُ السَّالِمُ لِإِيمَانِ الْعَبْدِ بِاللهِ تَعَالَى، وَبِمَا ثَبَتَ لَهُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهُوَ السَّبِيلُ الْآمِنُ لِلْإِيمَانِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ الْمُغَيَّبَاتِ.
إِنَّ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ يُورِثُ الْعَبْدَ: طُمَأْنِينَةً فِي الْقَلْبِ، وَانْشِرَاحًا فِي الصَّدْرِ، وَسَكِينَةً فِي النَّفْسِ، فَمَنْ آمَنَ بِالْغَيْبِ وَاسْتَسْلَمَ لَهُ؛ لَمْ تُرَاوِدْهُ الشُّكُوكُ، وَلَمْ تَتَسَلَّلْ إِلَيْهِ الْأَوْهَامُ، وَكَانَ فِي حِصْنٍ مِنِ انْحِرَافِ عَقِيدَتِهِ، وَمَأْمَنٍ مِنْ فَسَادِ إِيمَانِهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ وَالِاسْتِسْلَامِ لَهُ: أَلَّا يَجْعَلَ الْمُسْلِمُ إِيمَانَهُ مَحْكُومًا بِمَا يُوَافِقُ عَقْلَهُ أَوْ رَأْيَهُ أَوْ هَوَاهُ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ]فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( [النساء:65]، وَقَالَ تَعَالَى: ]آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ( [البقرة:285].
وَمِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ: الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِهِ إِلَّا اللهُ، وَأَمَّا الْخَلْقُ؛ فَمَهْمَا بَلَغَتْ عُلُومُهُمْ وَوَسَائِلُهُمْ فَلَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا أَخْبَرَهُمُ اللهُ بِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ: ]عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ( [الجن:26-27]، وَقَالَ تَعَالَى: ]وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ( [الأنعام:59]، وَأَعْظَمُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَعْلَمُ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا أَطْلَعَهُ اللهُ عَلَيْهِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: ]قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ( [الأعراف:188]، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ: ]قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ( [النمل:65]) [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:
لِيَحْذَرِ الْمُسْلِمُ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمَا يُنَاقِضُ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ؛ فَيُورِدُهُ ذَلِكَ فِي الْمُهْلِكَاتِ، وَيُوقِعُهُ فِي الْأُمُورِ الْمُنْكَرَاتِ، وَمِنْ ذَلِكُمْ: إِنْكَارُ مَا ثَبَتَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ نَعِيمِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ( [غافر:46]، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: (هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي اسْتِدْلَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى عَذَابِ الْقَبْرِ)، وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].
وَمِمَّا يُنَاقِضُ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ: مَا يَقُومُ بِهِ السَّحَرَةُ وَالْكُهَّانُ وَالْعَرَّافُونَ مِنِ ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ بِأُمُورٍ بَاطِلَةٍ يَدَّعُونَهَا، وَأَوْهَامٍ وَأَكَاذِيبَ يُلَفِّقُونَهَا؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الحَقَّ، وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟! فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ مِمَّا يُعَارِضُ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ وَاخْتِصَاصَ اللهِ تَعَالَى بِهِ: مَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الْغَيْبَ قَدْ يُعْلَمُ عَنْ طَرِيقِ الْأَبْرَاجِ، أَوْ قِرَاءَةِ الْكَفِّ وَالْفِنْجَانِ وَالْخُطُوطِ، أَوْ الِاعْتِقَادَ بِأَنَّ مَنْ وُلِدَ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ يَحْدُثُ لَهُ كَذَا، وَأَنَّ مِنْ صِفَاتِهِ كَذَا وَكَذَا، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الضَّرْبِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ بِالظُّنُونِ وَالْقَوْلِ فِيهِ بِالْأَوْهَامِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا عَظَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَكَمَ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْكُفْرِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، وَعَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ النُّجُومَ وَالْأَبْرَاجَ لِيَتَعَرَّفَ النَّاسُ مِنْ خِلَالِهَا عَلَى الْغَيْبِ، بَلْ خَلَقَهَا لِحِكَمٍ بَليغَةٍ وَفَوَائِدَ عَظِيمَةٍ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ( [الملك:5]، قَالَ قَتَادَةُ رَحِمَهُ اللهُ: (خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ).
فَاللهَ اللهَ -عِبَادَ اللهِ- فِي إِيمَانِكُمْ، اعْتَنُوا بِهِ، وَحَافِظُوا عَلَيْهِ، وَاجْتَهِدُوا فِي تَعْلِيمِ أَهْلِيكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَتَغَافَلُوا عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَخْطَاءِ الْعَظِيمَةِ وَالضَّلَالَاتِ الْجَسِيمَةِ، نَبِّهُوهُمْ، وَعَلِّمُوهُمْ، وَحَذِّرُوهُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ قَدِ اسْتَرْعَاكُمْ رَعِيَّةً فَاحْفَظُوا رَعِيَّـتَـكُمْ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ؛ إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْوَبَاءَ وَالْغَلَاءَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِنَا وَدُنْيَانَا وَأَهْلِنَا وَمَالِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبَرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ الَّتِي تَدُلُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُمْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، ]رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[ [البقرة:201]، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة